ليش الأغاني حرام ؟؟ تعالووو
لماذا حرم الغناء؟؟؟؟
لماذا حُرم الموسيقى والغناء؟ وهل هناك أدلة مقنعة ؟ الموسيقى أنواع وهناك آلات متنوعة، ومنها : موسيقى أيضاً بكلام ، ومنها : البدون ، والكلام قد يصنفه البعض إلى كلام مؤثر وغير مؤثر سؤالي ، هو : ما حكم كل ما سبق بالتفصيل مع الأدلة إذا أمكن؟
الجواب:
الحمد لله وبعد : فقبل الإجابة على هذا السؤال أود التذكير بمسألة مهمة تتلخص بكوننا معاشر المؤمنين ملزمين بالتسليم والانقياد لأمر الله ورسوله في كل شأن من شوؤننا ، وفي كل صغيرة وكبيرة من شريعة ربنا - جل في علاه - معتقدين بيقين تام أنه ما من أمر يأمرنا به - سبحانه -، أو نهي ينهانا عنه إلا وهو وفق الحكمة التامة والمشيئة العادلة علمها من علمها، وجهلها من جهلها .
والمسلم الحق مأمور بالاستجابة والامتثال على الفور دون تردد أو مراجعة ، فإن بانت له الحكمة وظهرت له أسرار التشريع فنور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ، وإن لم يتضح له الحكمة من وراء الأمر والنهي فلا مناص من الامتثال، ولا معدل عن التسلم والانقياد.
ولذا فإن الأَوْلى في حق المسلم أن يسأل عن الحكم أولاً ، ثم لا بأس أن يسأل عن الحكمة ثانياً لا العكس ، وسؤاله عن الحكمة ينبغي أن يكون في حدود الاستكثار من الفائدة لتحقيق مزيد من الامتثال ، والاستجابة لأمر الشارع الحكيم ، لا على وجه التعنت والجدل العقيم .
وبناءً على ما سبق كان الأجدر بالسائل أن يقول أولاً: ما حكم الموسيقى والغناء؟ لا لماذا تم تحريم الموسيقى والغناء؟ ثم يسأل ثانياً – إن بدا له – عن الحكمة في تحريمهما؟
أما الجواب فيتلخص فيما يلي:
فلسنا نشك في حرمة الموسيقى والغناء ؛ لأدلة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة - رضوان الله عليهم – وكلام المحققين من أهل العلم وللنظر الصحيح في هذه المسألة ، فأما أدلة التحريم من الكتاب المبين ، فمنها :
(1) قوله – تعالى - :" ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين " [لقمان : 6]. قال الواحدي وغيره : أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث: الغناء ، وهو قول ابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، ومكحول ، وعمرو بن شعيب ، وعطاء ، وغيرهم.
وكان ابن مسعود يقسم ثلاثاً أن " لهو الحديث " في الآية هو الغناء، رواه عنه ابن جرير الطبري بإسناد صحيح .
وقال القرطبي : " إن أولى ما قيل في هذا الباب : هو تفسير " لهو الحديث " بالغناء، وهو قول الصحابة والتابعين.
ومن الأدلة كذلك : قوله - تعالى -: " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "[الإسراء: 64] ذكر ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس في تفسير الآية ، قال : " كل داع إلى معصية "، قال ابن القيم : " ومن المعلوم أن الغناء من أعظم الدواعي إلى المعصية، ولهذا فسر صوت الشيطان به " .
وكذلك روى ابن جرير بإسناده عن مجاهد – رحمه الله – في قوله : "واستفزز من استطعت منهم بصوتك " قال: باللهو والغناء .
ومن الأدلة أيضاً قوله - تعالى - :" والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً " [الفرقان : 72].
قال ثعلب : " الزور : مجالس اللهو " ، وقال الزجاج: " الزور : مجالس الغناء " وهو قول محمد الحنفية ، وغيرهم من أهل العلم.
وقال ابن القيم :" المعنى : لا يحضرون مجالس الباطل ، ويدخل في هذا أعياد المشركين - كما فسرها به السلف – والغناء وأنواع الباطل كلها .
وأما من السنة الشريفة فدونك ما رواه البخاري "5590" في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. الحديث" ، وقد رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم إلا أن ابن حجر العسقلاني قد ذكر في شرحه على الحديث أن جماعة من الحفاظ قد رووه موصولاً منهم : الإسماعيلي في مستخرجه ، وأبو نعيم كذلك في مستخرجه على البخاري ، والطبراني في معجمه ، وابن حبان في صحيحه ، وقد ذكر هذه الروايات كلها في ( فتح الباري ).
كما ذكر الحافظ ابن رجب أن البيهقي أخرج الحديث موصولاً من طريقه الحسن ابن سفيان ، حدثنا هشام بن عمار ، فذكره قال ابن رجب : " فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار " وكذا قال ابن القيم : إن هذا حديث صحيح ثم استطرد في الجواب الحسن الفائق مع كل من رد الحديث بدعوى الانقطاع كابن حزم وغيره .
قلت : والمعازف في الحديث ، هي : آلات الطرب والغناء ومزامير الشيطان والخنا ، سيما ما أحدث في هذا العصر من آلات ومزامير وأبواق وأعواد وأوتار تورث سامعيها السكرة ، وتجلب لهم الخزي والعار، وتسبب الدياثة وذهاب الغيرة واستيلاء العهد والفجور .
من الأدلة ما رواه أحمد " 8851 " ، ومسلم " 2114" ، وأبو داود "2556"، والنسائي في السنن الكبرى " 8761" ، وابن خزيمة " 2554" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :" الجرس مزامير الشيطان " .
قال العلامة حمود بن عبد الله التويجري في فصل الخطاب :" وإذا كان الجرس من مزامير الشيطان فما الظن بما هو " أحسن " منه نغمة وأشد إطراباً من أنواع المعازف والمزامير والموسيقى التي قد ظهرت في زماننا واستحلها كثير من السفهاء ؟ أ .هـ.
قلت : وقد اتفق الأئمة الأربعة على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو كالعود ، ونحوه ... وقال شيخ الإسلام – رحمه الله – : والمقصود هنا أن آلات اللهو محرمة عند الأئمة الأربعة ، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك ، وأما الغناء المجرد الخالي من آلات الطرب فمحرم عند أبي حنيفة ومالك ورواية عن الشافعي وأحمد ، والرواية الأخرى عنهما الكراهة، إلا أن الكراهة المروية عنهما محمولة على أشعار الزهد الملحنة بصوت الشاعر، وإليه أشار ابن القيم في (مدارج السالكين) – فليراجع .
قال العلامة حمود التويجري – رحمه الله - : وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم الغناء والمنع من استماعه واستماع آلات اللهو كلها ، وبعضهم أطلق الكراهة ، والمراد بها كراهة التحريم ، وأبلغ من ذلك ما نقله صاحب الفروع عن القاضي عياض أنه ذكر الإجماع على كفر مستحله يعني الغناء، كما ذكر الإجماع على كفر من قال بأن القرآن مخلوق ، وقال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه ( المسألة الكافية ) : المسألة الثامنة والخمسون : حرمة الغناء ، وأخذ الأجرة عليه معلومة في دين الإسلام ، فمن استباح ذلك يكفر لاستباحته ما حرم شرعاً. ا.هـ. من فصل الخطاب ، ومنه استقيت جل نقولات هذا الجواب.
وأما قول السائل : الموسيقى أنواع ، وهناك آلات متنوعة ، فقوله حق ، ولكنها كلها محرمة ، وقد تقدم ذكر كلام الأئمة في شأن آلات اللهو والغناء ، وأنها محرمة كلها مع كونها آلات بدائية لا تداني ولا تقارب ما أحدثت في هذا الزمن من الآلات والأبواق والمزامير التي لا يشك من له أدنى مسكة عقل - فضلاً عن خلق ودين - أنها وسائل إفساد وفتنة وأسباب ضلال وسفه ومجون .
وأما سؤاله عن الكلام المصاحب للموسيقى ، وأن البعض يصنفه إلى كلام مؤثر وغير مؤثر، فالجواب : أن الغناء والطرب كله حرام، فالتأثير أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، فعبث هؤلاء المسمين بالمغنين والمغنيات وتفانيهم في الصد عن سبيل الله، واستماتتهم في كسب الجماهير والمعجبين – خصوصاً – في هذه الأزمة المتأخرة لا يمكن أن يبقى معها قلب بلا تأثر .
فالحذر الحذر من مصائد الشيطان ومكائده، ووسوسة النفس وعنادها فهيهات أن يجتمع في قلب امرئ حب القرآن ، وحب صوت الشيطان وألحانه ومزاميره ... ، وبنحو ما ذكرت قال ابن القيم الإمام العلم البصير بأمراض القلوب وأسباب علاجها :" فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه ، وتبرمهم به، وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم ، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرأه فلا تتحرك ولا تطرب، ولا تهيج منها بواعث الطلب . ا.هـ ، من (مدارج السالكين) .
وختاماً ليعلم المسلم الراغب فيما عند الله والدار الآخرة أن المسلم الحق ، هو : ذلك الرجل الجاد الذي يعرف تماماً ويدرك حقاً أنه صاحب رسالة وداعية عقيدة ورائد منهج وسط، له دور محدد ، وواجب معين ، وخط مرسوم، وصراط مستقيم ... إنه دور تحقيق العبودية الخالصة للرب الجليل ، واستكمال شعب الإيمان في نفسه وقلبه وجوارحه ما استطاع ، ومن ثم الانطلاق في طريق الإصلاح، ومسيرة الدعوة إلى الله العلي الأعلى ، ومحاولة استنقاذ جموع الناكبين والتائهين في فيافي الغرور والإعراض. وأنى لكائن أن يقوم ببعض هذا، وهو عاشق للألحان، مفتون بالمزامير والأوتار ، وأنى لمسلم أن يقوم بواجب الريادة والقيادة لجموع الغافلين والمعرضين ، وهو ثمل بآهات المغنيين والمغنيات ، والفاسقين والفاسقات ، ألا فلنتَّقِ الله ولنبادرْ بالتوبة النصوح من هذا البلاء المبين والشر المستطير قبل فوات الأوان، وانقطاع الأمال، وانصرام الآجال . وفق الله الجميع لفعل الخيرات ، واجتناب المنكرات ، والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
م.ن